الأحد، 27 ديسمبر 2015

بالفيديو حديث مع الجاسوسة انشراح موسى : من حكايات الجاسوسية




ولدت المصرية انشراح على موسى عام 1937 لأسرة متوسطة الحال، وبرغم التقاليد المتزمتة في ذلك الوقت دخلت الفتاة الصعيدية المدرسة وواصلت تعليمها حتى حصلت على الشهادة الإعدادية عام 1951.

وبعد نجاحها بأيام قليلة أراد والدها مكافأتها فاصطحبها معه إلى القاهرة لحضور حفل عرس أحد أقاربه، لتلتقى فتاها الذي حرك فيها دماء الأنثى هو إبراهيم سعيد شاهين ابن العريش المولود عام 1929، الذي ما غادر الحفل إلا وعرف عنها كل شيء. وبعد أيام قلائل فوجئت به يطرق باب بيتها في المنيا برفقته والده.

كان إبراهيم شاهين يعمل كاتب حسابات بمكتب مديرية العمل بالعريش، بدأ سلكه الوظيفى مغمورا يتعجل زيادة دخله بوسائل مشروعة وغير مشروعة إلى أن وقع في جريمة رشوة لطخت سمعته وحبس ثلاثة أشهر، خرج بعدها ليكتشف مدى قسوة الظروف التي تمر به..

واجتاحت إسرائيل سيناء واحتلتها في يونيو 1967، وسط هذا المناخ كانت المخابرات الإسرائيلية تعمل بنشاط زائد، وتسعى لتصيد العملاء بسبب الضغوط المعيشية الصعبة وظروف الاحتلال، وبالفعل نجحت في استقطابه.

ولوح له ضابط الموساد الذي استقطبه بإغراءات ما كان يحلم بمثلها يومًا، نظير إغراقه بالنقود وتأمين حياته وذويه في العريش، وافق إبراهيم على التعاون مع الإسرائيليين في جمع المعلومات عن مصر، وتسلم – كدفعة أولى – ألف دولار في الوقت الذي لم يكن يملك فيه ثمن علبة سجائر.

وسافر شاهين إلى بئر سبع وهناك تغير المشهد، إذ تحول إلى جاسوس لإسرائيل وعينًا لها على وطنه.

وعندما رجع إلى بيته محملًا بالهدايا لزوجته وأولاده، دهشت انشراح وسألته عن مصدر النقود فهمس لها بأنه أرشد اليهود عن مخبأ فدائي مصري فكافأوه بألف دولار، بهتت الزوجة البائسة لأول وهلة ثم سرعان ما عانقت زوجها سعيدة بما جلبه لها، وقالت له في امتنان كانوا سيمسكونه لا محالة إن عاجلًا أم آجلًا، فسألها في خبث ألا يعد ذلك خيانة ؟ فغرت فاها وارتفع حاجباها في استنكار ودهشة وأجابته: مستحيل ، كان غيرك سيبلغ عنه ويأخذ الألف دولار، أنت ما فعلت إلا الصح.


بعد تعطل المفاتيح الخاصة بجهاز الإرسال، عرضت انشراح السفر لإسرائيل لإحضار مفتاح جديد. وسافرت بالفعل يوم 26 يوليو 1974 ففوجئ بها أبو يعقوب ودهش لجرأتها، ومنحها مكافأة لها 2500 دولار مع زيادة الراتب للمرة الثالثة إلى 1500 دولار شهرياً (كان مرتب الموظف الجامعي حينذاك حوالي 17 جنيهاً).



لكن إنشراح التي تعاونت مع زوجها في التجسس على بلادها من أجل الدولارات وباعت شرفها لرجل الموساد الذي ضاجعته لم يستمر حلمها طويلًا، في 24 أغسطس 1974، وصلت انشراح إلى مطار القاهرة الدولي قادمة من روما، وحين دخلت منزلها كان رجال المخابرات في انتظارها بعد أن وصلوا لزوجها من خلال محاولته لإرسال أولى برقياته لرؤسائه في إسرائيل. 

وتمكنت المخابرات المصرية من التقاط الذبذبات من خلال اختراع سوفيتي متطور جداً اسمه (صائد الموجات) وقامت القوات بتمشيط المنطقة بالكامل بحثاً عن هذا الجاسوس. ومع محاولة تجربة الجهاز للمرة الثانية أمكن الوصول لإبراهيم بسهولة.

وفي فجر 5 أغسطس 1974 كانت قوة من جهاز المخابرات المصرية تقتحم منزل إبراهيم شاهين، وبتفتيش البيت عثروا على جهاز اللاسلكي ونوتة الشفرة. والتزم إبراهيم الصمت وخضع للتحقيق في مبنى المخابرات العامة، بينما بقيت قوة من رجال المخابرات في المنزل مع أولاده الثلاثة تنتظر وصول انشراح.
وعلى طائرة إيطاليا رحلة 791 في 24 أغسطس 1974، وصلت انشراح إلى مطار القاهرة الدولي قادمة من روما بعد شهر كامل بعيداً عن مصر، واستقلت تاكسياً إلى المنزل، حين وصلت إلى منزلها وأدارت أكرة الباب وجدت رجال المخابرات في انتظارها فوقفت بلا حراك، وبالت على نفسها عندما تقدم أحدهم ورحب بها بقوله "حمدلله على السلامة يا مدام دينا.
 ليتم القبض عليها. وقادوها مع ولديها إلى مبنى المخابرات وهناك جرى التحقيق مع الأسرة كلها.



في أواخر الثمانينات استضافت الإذاعة الإسرائيلية سيدة اسمها ( دينا بن ديفيد )، وقد صرحت السيدة بأنها فخورة بما قدمت لإسرائيل وللشعب الاسرائيلى، هذه السيدة كانت انشراح موسى.

كما نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت عام 1989 موضوعا عن انشراح وأولادها قالت فيه: إن انشراح شاهين (دينا بن دافيد) تقيم الآن مع اثنين من أبنائها بوسط إسرائيل وهما محمد وعادل، بعد أن اتخذت لهما أسماء عبرية هي حاييم ورافي أما الابن الأكبر نبيل فقد غير اسمه إلى يوشي.

وتقول الصحيفة أن دينا بن دافيد تعمل عاملة في دورة مياه للسيدات في مدينة حيفا وفى أوقات الفراغ تحلم بالعودة للعمل كجاسوسة لإسرائيل في مصر!، بينما يعمل ابنها حاييم كحارس ليلي بأحد المصانع، أما الابن الأكبر فلم يحتمل الحياة في إسرائيل وهاجر هو وزوجته اليهودية إلى كندا حيث يعمل هو وزوجته بمحل لغسل وتنظيف الملابس.

تمت محاكمة الخونة بتهمة التجسس لصالح إسرائيل وأصدرت المحكمة حكمها بإعدام إبراهيم وانشراح بينما حكم على ابنهما الأكبر نبيل بالأشغال الشاقة وأودع الولدان محمد وعادل بإصلاحية الأحداث نظرا لصغر سنهما، ونفذ حكم الإعدام في إبراهيم شاهين شنقا، بينما تم الإفراج عن انشراح وابنها بعد ثلاث سنوات من السجن في عملية تبادل للأسرى مع بعض أبطال حرب أكتوبر.





bedo

About bedo

Author Description here.. Nulla sagittis convallis. Curabitur consequat. Quisque metus enim, venenatis fermentum, mollis in, porta et, nibh. Duis vulputate elit in elit. Mauris dictum libero id justo.

Subscribe to this Blog via Email :