كيف يكون الحال عندما تعيش طوال اليوم في نهار دائم أو ظلام دامس دائم؟ مستخدمو موقع "كورا" للأسئلة والأجوبة، من الذين عاشوا بالقرب من دائرة القطب الشمالي، يشاركونا تجاربهم و أفكارهم.
يتحكم طلوع الشمس وغروبها في الكثير من طقوسنا اليومية منذ تناولنا الإفطار في الصباح وعندما نخلد إلى الراحة في المساء، ولكن ماذا نفعل لو لم تشرق الشمس على الإطلاق، أو لم تغرب مطلقًا؟
هذا ما يعيشه سنوًيا السكان الذين يقيمون بالقرب من الدائرة القطبية الشمالية حيث الصيف الذي تظل فيه الشمس ساطعة لأشهر عديدة، وحيث الشتاء الذي يأتي بالظلام الدامس لأشهر أيضا.
لاستكشاف ذلك، توجهنا إلى موقع "كورا" وطرحنا هذا السؤال "كيف تبدو الحياة في ظل نهار دائم أو ظلام ليل دائم على مدار الساعة؟" والنتيجة أن من شاركوا بالإجابات وجدوا أن هناك مزايا وعيوبا للتضحية بالشمس أو النجوم لبضعة أشهر كل عام.
العيش في ضوء دائمقال ديباك بيماراجو، من دلهي، بالهند، إنه لم يجد أي مشكلة مع العيش في نهار دائم عندما كان في دورة تدريبية صيفية لمدة شهرين في مدينة تروندهايم، بالنرويج.
وأضاف: "واجه معظم الناس الذين قابلتهم هناك مشكلة مع الأيام الطويلة لأن ذلك يؤدي إلى تغيير الساعة البيولوجية الخاصة بهم وإلى اضطرابها، ولكنني من كلية الهندسة الهندية؛ حيث اعتدت على النوم خلال النهار والبقاء مستيقظا حتى الإفطار، لذلك، لم تكن لدي أية مشاكل من أشعة الشمس التي تتسلط على وجهي عندما أخلد إلى النوم".
وتابع: "كان نظامي المعتاد هو الاستيقاظ في وقت الظهيرة والعمل من الساعة الثانية ظهرًا وحتى العاشرة مساءً، وتناول العشاء، ثم الذهاب لممارسة هواية ركوب الدراجة في الإضاءة الواضحة والعودة في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. ثم تناول القليل من الحلوى. فماذا تعتقد بعد كل هذا؟ لم يحل الظلام بعد".
وأضاف أنه "لاحظ أن صيف النرويج بارد مقارنة بمدينة دلهي، ولكن بقاء الشمس ساطعة جعلته يشعر بحالة معنوية جيدة، فالضوء القادم من الشمس يملأك بالطاقة".
وقال بيماراجو أيضا: "ذلك شعور كما لو كنت في الجنة، حيث الأضواء التي لا تتوارى أبدا".
مشاركة أخرى وجدت متعة مماثلة في ساعات النهار الطويلة في الصيف، حيث شاركت غاريما باندي التي تعيش في بلدة سويدية صغيرة في كيرونا زوار الموقع بصور التقطتها في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل والشمس لا تزال عالية في السماء.
قالت باندي: "لم تتوارى أشعة الشمس بالحجب. كنا ننظم حفلات شواء في منتصف الليل في ضوء الشمس، وقد نسينا الإحساس بالوقت آنذاك".
وأضافت: "لقد اندثرت دوراتنا البيولوجية، إن وجدت، لأننا لم نعتد على تناول وجبة العشاء أو النوم في وضح النهار".
ويتفق ويلفريد هيلدونين من مواليد مدينة فينمارك بالنرويج مع فكرة أن الناس يصبحون اجتماعيين أكثر في أوقات الصيف.
وأضاف: "بإمكان الزائرين الخروج في أي وقت أثناء الليل أو النهار، فقد رأيت الأطفال يلعبون في الخارج في الساعة الثانية أو الثالثة صباحًا، وتسير الأسر مع صغارها في عربة أطفال في الشوارع".
العيش في الظلامكما هو الحال مع النهار المستمر الذي يعتبر العنصر الرئيسي لفصل الصيف، فإن الليل الذي لا ينتهي خلال فصل الشتاء يمكن أن يؤثر سلبًا على نفسيات السكان.
قال بورن سميستاد الذي عاش شمالي الدائرة القطبية الشمالية في النرويج لمدة خمس سنوات: "يتفاعل الناس بشكل مختلف، فقد يشعر البعض بالاكتئاب، في حين يشعر آخرون بالنعاس، ولا يزال البعض الآخر يشعر كأن كل شئ على ما يرام."
وقال فرود ساند، الذي يعيش شمالي الدائرة القطبية الشمالية في شمال النرويج في قرية صغيرة تسمى بليك، إنه ليس الظلام فحسب الذي يساهم في صعوبة الأوضاع، بل سوء الأحوال الجوية أيضا، ووجود كميات كبيرة من الثلوج، والبرودة الشديدة، ونقص فيتامين ج. حيث تلعب كل هذه العناصر دورًا في جعل الحياة أكثر صعوبة.
وأضاف: "لكن الناس تكيفت مع ذلك، ومنهم من لم يتكيف. وهناك من يكافح هذه الصعاب وانتقل إلى جنوب البلاد إذ كان بإمكانه فعل ذلك."
وتقول باندي: "يعرف السويديون كيفية البقاء بسلامة في هذا الوقت الصعب من السنة. فإذا كان هناك شيئان يعشقهما السويديون، فهما ما يعرف بـ الفايكا (وهي استراحة لتناول القهوة والوجبات الخفيفة) والساونا، وهذا ما أوشكت على أن أقدره وأعشقه أيضًا.
وأضافت: "من أحد طقوس الشتاء رفع درجة حرارة الساونا والبقاء داخلها أطول فترة ممكنة قبل الخروج، والغوص في الثلوج، ونفعل ذلك حتى يتخدر الجسد. وعندما تخلد إلى النوم في تلك الليلة، فسوف تعرف ماذا الذي يعنيه النوم، فلا يمر الشتاء السويدي دون هذه الظاهرة".
وذكرت باندي الشفق القطبي الشمالي الجميل بأضوائه الرائعة كمصدر للسعادة في هذا الظلام المتواصل، وقالت: "لا توجد صورة يمكن أن تصف على نحو منصف ما تراه في هذا العرض المتراقص، والبهيج، ومتعدد الألوان، الذي تهبنا السماء إياه ليلة بعد أخرى لإسعادنا. فيمكنك القول إن لونه أخضر، أو أرجواني، أو أحمر، أو سمه كما شئت!"
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Travel
بواسطة BBC Arabic | بي بي سي